أخبار خاصة

معنا يبدأ عهدٌ جديد من السلام — حيث المساحة الآمنة لكل إنسان

بقلم الدوقة نيفين الجمل

 

المدير الإقليمي (المملكة المتحدة – لندن الكبرى)

معهد الدبلوماسية وحقوق الإنسان – الولايات المتحدة (USIDHR)

 

 

 

معنا يبدأ عهدٌ جديد من السلام — عهدٌ تُبنى فيه المساحات الآمنة لكل إنسانٍ على وجه الأرض،

عهدٌ تُصان فيه الكرامة، ويُحتفى فيه بالرحمة، ويعلو فيه صوت الإنسانية على كل اختلاف. 

 

اليوم، وبصفتي المدير الإقليمي لمنطقة لندن الكبرى في معهد الدبلوماسية وحقوق الإنسان بواشنطن، أُطلق الخطوة الأولى من خطة السلام:

خطة تنبثق من قناعةٍ راسخة بأن التعاطف أقوى من الخوف، والكرامة حقٌّ لا يُمنح ولا يُسلب، لأنها جوهر الوجود الإنساني نفسه.

 

فالسلام ليس مجرد غياب الصراع، بل هو حضور الأمان، والتفاهم، والرحمة.

والمساحة الآمنة ليست جدرانًا تُحيط بنا، بل حالةٌ من الإنسانية يشعر فيها كل فردٍ بأنه مرئيٌّ، مسموعٌ، ومُقدَّرٌ دون خوفٍ من الإقصاء أو الأذى.

 

تبدأ المساحة الآمنة بشجاعة الاستماع، وتواضع الفهم، ورحمة الوقوف إلى جانب الآخر.

فعندما يشعر الإنسان بالأمان، تنفتح أمامه أبواب الفكر والإبداع والقيادة.

أما حين يُسلب هذا الأمان، تنطفئ أجمل طاقاته أمام الخوف.

 

فلنصنع معًا عالمًا يشعر فيه الجميع بالأمان في أن يُروا ويُسمعوا ويُحترموا. 

 

لقد مررتُ بتجربةٍ غيّرت رؤيتي للسلام.

خلال أزمةٍ صحيةٍ طارئة، رأيت وجهين متناقضين للإنسانية:

في أحد المستشفيات، كان الألم يُقابل بالإهمال،

وفي آخر، تحولت المعاناة نفسها إلى شفاءٍ بفضل اللطف والتعاطف.

 

ومن هذا التناقض أدركت أن السلام يبدأ من الرحمة.

المساحات الآمنة لا تُصنع بالقوانين وحدها، بل تُبنى بقلوبٍ تختار التعاطف على اللامبالاة، والإنسان على الجمود.

 

رسالتي اليوم هي بناء تلك المساحات — في البيوت، والمدارس، والمجتمعات —

حيث يشعر كل إنسان بالحماية، والاحترام، والقيمة.

ولنجعل أبواب الرحمة مفتوحة بيننا دائمًا،

فالأمان هو الجسر إلى السلام، والرحمة هي اللغة التي توحّدنا جميعًا.

 

فلنكن نحن من يصنع غرفًا من الاحترام، وممراتٍ من الرحمة، ومجتمعاتٍ من الشجاعة.

ومن هنا يبدأ عملنا — بتمكين الشباب، ودعم المجتمعات، وبناء عالمٍ يعيش فيه الإنسان بكرامةٍ وأمل.

 

 

الارتباط بخطة السلام

 

إن رؤيتنا في خطة السلام تنطلق من الإيمان بضرورة إنشاء مساحاتٍ آمنة في كل مستوى من مستويات المجتمع:

 

🔹 في التعليم في حقوق الإنسان — المساحة الآمنة هي الفصول التي يُسمع فيها كل صوت، وتتحول فيها المعرفة إلى قوة تمكين.

🔹 في مكافحة الاتجار بالبشر — هي الأنظمة التي تحمي لا تعاقب، والملاجئ التي تمنح الناجين الأمان والثقة بالحياة.

🔹 في الحوار بين الأديان والثقافات — هي المساحات التي يُحتفى فيها بالتنوع بدلًا من الخوف منه.

🔹 في تمكين الشباب — هي البيئات التي تُنبت الثقة بالنفس والقدرة على القيادة بالحكمة والحس الإنساني.

🔹 في السياسات والشراكات — هي القرارات التي تُقدِّم الإنسان على السياسة، والكرامة على المصلحة.

 

 

الدعوة إلى العمل — المسؤولية المشتركة

 

لكلٍّ منا القدرة على بناء المساحات الآمنة —

في بيوتنا، وأماكن عملنا، ومدارسنا، ومجتمعاتنا.

 

فالسلام لا يُبنى في غرف الاجتماعات أو عبر المعاهدات وحدها،

بل يُبنى في الطريقة التي نعامل بها بعضنا البعض، كل يوم.

 

فلنكن نحن من يصنع غرفًا من الاحترام، وممراتٍ من الرحمة، ومجتمعاتٍ من الشجاعة.

 

 

الخاتمة — رؤية وأمل

 

ومع فجر هذا العهد الجديد من السلام،

دعونا نتعاهد معًا أن نبني عالمًا يكون فيه الأمان حقًا لا امتيازًا،

ويكون فيه اللطف قوةً لا ضعفًا.

 

لأننا عندما نخلق مساحاتٍ آمنة لبعضنا البعض،

نحن لا نحمي الأرواح فقط —

بل نُشعل أنقى ما في الإنسان من ضوءٍ وقدرة.

 

 هكذا يبدأ السلام… وهكذا يستمر.

 

 فالسلام لا يُنتظر، بل يُصنع — قلبًا بقلب، ومساحةً بمساحة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى