إيران لن نخضع أبدًا للإكراه أو الترهيب أو الضغوط السياسية


وقال امير سعيد ايرواني سفير إيران ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة في اجتماع مجلس الأمن: في البداية، أود أن أوضح موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية بشأن عقد هذا الاجتماع. إننا نتفق مع مواقف زملائنا الروس والصينيين ونعارض بشدة عقد هذا الاجتماع.
واضاف: يتضمن قرار مجلس الأمن 2231 بند إنهاء واضحًا وواعيًا وذا صلاحية تنفيذية. وقد انتهت صلاحية القرار في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025. ومنذ ذلك التاريخ، فقد القرار أي أثر قانوني أو تفويض تنفيذي. وبناءً على ذلك، انتهى دور مجلس الأمن بموجب القرار 2231 نهائيًا. لذا، لا يوجد تفويض للأمين العام لتقديم أي تقرير، ولا تفويض للمجلس لإجراء مناقشة بشأنه، ولا أساس قانونيا لعقد اجتماع بموجب جدول أعمال “عدم الانتشار” في هذا السياق.
وتابع: إن أي محاولة لعقد مثل هذا الاجتماع تُعد انتهاكًا صريحًا للنظام الداخلي للمجلس. وبالمثل، فإن أي ادعاء بـ”مواصلة تطبيق” القرار 2231، سواء بالاستناد إلى المذكرة 44 لرئيس المجلس (س/2016/44) أو بالإشارات المبهمة إلى ما يُسمى “الممارسة الراسخة”، هو ادعاء لا أساس قانوني له ومضلل، ويُشكل إساءة استخدام واضحة لصلاحيات المجلس وإجراءاته.
واردف ايرواني: أودّ أن أعرب عن امتنان الجمهورية الإسلامية الإيرانية للصين والاتحاد الروسي لموقفهما المبدئي والتزامهما الصادق بخطة العمل الشاملة المشتركة طوال فترة تنفيذها. كما نتوجه بالشكر إلى الجزائر وباكستان وباقي أعضاء المجلس لمواقفهم المبدئية والمستقلة.
المزيد: إيرواني: مجلس الأمن فقد صلاحية النظر بملف برنامجنا النووي
وقال: إن ما نشهده اليوم ليس اختلافًا مشروعًا في الرأي حول التفسير، بل هو تحريف مُتعمّد للقرار 2231، ونشر مُتعمّد لمعلومات مُضللة حول البرنامج النووي الإيراني السلمي، ومحاولة ساخرة لاستغلال هذا المجلس لتحقيق مصالح سياسية ضيقة.
واضاف: في هذا السياق، أودّ أن أُشير إلى النقاط التالية:
أولًا، إن جذور الوضع الراهن واضحة، ولم تظهر فجأة أو تتشكل من فراغ. هذا الوضع هو نتيجة الانسحاب أحادي الجانب للولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني (خطة العمل الشاملة المشتركة) عام ٢٠١٨، واستمرار عدم امتثال الترويكا الأوروبية المتعمد لالتزاماتها، والعدوان العسكري اللاحق من جانب الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية السلمية الخاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. إن الحرب العدوانية التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل، بما في ذلك الهجمات المتعمدة على المنشآت الخاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تُشكل انتهاكًا صارخًا للمادة ٢، الفقرة ٤، من ميثاق الأمم المتحدة، وللقاعدة الآمرة التي تحظر استخدام القوة، وهي هجوم مباشر على النظام الدولي لمنع الانتشار النووي.
وقد تفاقم هذا الوضع أكثر باعتراف رئيس الولايات المتحدة الصريح والعلني، بصفته بلاده عضوًا دائمًا في مجلس الأمن ووصيًا على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، بأن واشنطن تقود وتوجه وتنسق هذه الحرب العدوانية. إن أي محاولة لتبرير هذه الأعمال غير القانونية من خلال تفسير مُحرّف للمادة 51 من الميثاق، أو بالاستناد إلى ادعاء مُختلق بوجود “تهديد وشيك”، هي محاولة لا أساس لها من الصحة قانونيًا ومُضللة، وتُعتبر من أخطر انتهاكات القانون الدولي في التاريخ الحديث. فالمادة 51 من الميثاق لا تُجيز الدفاع عن النفس إلا ردًا على هجوم مسلح فعلي، وليس على تهديدات افتراضية أو مُحتملة.
ومما يُثير القلق أيضًا صمت الترويكا الأوروبية، بل وموافقتها الضمنية في بعض الحالات، على هذه الأعمال العدوانية. فهي تفتقر تمامًا إلى المصداقية والمُبرر للاستناد إلى قواعد عدم الانتشار النووي، أو ادعاء الاهتمام بسلامة نظام عدم الانتشار.
ثانيًا، تُعد ايران عضوًا ملتزمًا ومسؤولًا في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية منذ عام 1970. وقد رفضت إيران باستمرار أسلحة الدمار الشامل لأسباب قانونية وأخلاقية وعقائدية؛ وهو موقف تم التأكيد عليه مرارًا وتكرارًا على أعلى المستويات. على الرغم من العقوبات غير القانونية، والتخريب، واغتيالات علماء نوويين، والهجمات المسلحة، لم تُحوّل إيران برنامجها النووي قط لأغراض عسكرية. يظل برنامجها سلميًا تمامًا، ويخضع لأوسع نظام تحقق مفروض على أي دولة غير نووية. ومع ذلك، فقد انقلبت الأدوار عمدًا: يُصوَّر الضحية على أنه الجاني، وتُعاقَب إيران، بينما يتمتع من يهاجمون منشآت نووية خاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحصانة كاملة. هذه الازدواجية الصارخة في المعايير تُقوِّض بشكل خطير نزاهة ومصداقية وسلطة نظام عدم الانتشار النووي العالمي.
على الرغم من هذه الظروف والانتهاكات الجسيمة، تصرفت إيران بحسن نية واستمرت في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. في التاسع من سبتمبر/أيلول في القاهرة، وقّع وزير الخارجية الإيراني مذكرة تفاهم مع المدير العام للوكالة، وهي مبادرة لاقت ترحيبًا من الوكالة والعديد من الدول باعتبارها خطوة أولى وبنّاءة. لاحقًا، قدّم وزير الخارجية الإيراني مقترحات إضافية هنا في نيويورك، إلا أنها قوبلت بالتجاهل. وبدلًا من الدبلوماسية، اختارت فرنسا وبريطانيا مسار التصعيد، بالتنسيق مع توجيهات واشنطن، مع عرقلة الجهود الدبلوماسية الحقيقية، بما في ذلك المبادرة المسؤولة التي قدمتها الصين وروسيا. علاوة على ذلك، تصرفتا بسوء نية بتجاهلهما تعاون إيران البنّاء مع الوكالة، وتعمدهما إغفال حقائق جوهرية، وتقديمهما قرارًا آخر ذا دوافع سياسية إلى مجلس محافظي الوكالة في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، مع الضغط على الأعضاء لدعمه.
لم تكن هذه الإجراءات تهدف إلى حل الأزمة، بل إلى خلق أزمة، مما أنهى فعليًا الدبلوماسية واتفاق القاهرة.
ثالثًا، فيما يتعلق بادعاءات تفعيل ما يُسمى بآلية (الزناد) “العودة التلقائية” أو “إعادة تطبيق” قرارات العقوبات المنتهية ، فإن موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية واضح ومتسق ومسجل رسميًا، بما في ذلك في مراسلاتها الرسمية مع الأمين العام ورئيس المجلس. وقد صرّح أعضاء آخرون، بمن فيهم الصين وروسيا، بهذا الموقف صراحةً.
إن الترويكا الأوروبية في حالة من عدم الوفاء المستمر والمعترف به علنًا بالتزاماتها الأساسية منذ عام ٢٠١٨، وبالتالي تفتقر إلى أي أساس قانوني لتفعيل هذه الآلية. علاوة على ذلك، فإن عدم اتخاذ مجلس الأمن أي إجراء تنفيذي في سبتمبر لا يؤكد هذا الخلل الجوهري ولا يُعوّض عنه. لم يُصدر المجلس أي قرار بشأن استيفاء الشروط القانونية لما يُسمى بآلية “العودة التلقائية”. وبموجب القانون الدولي، لا يُمكن للإجراءات المعيبة أو الباطلة أن تُنشئ حقوقًا أو التزامات قانونية.
أودّ أن أؤكد مجدداً موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأوضح العبارات: لقد انتهى العمل بالقرار 2231 نهائياً في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025. اعتباراً من ذلك التاريخ، تمّ إنهاء جميع اللوائح والتدابير والقيود المتعلقة بالبرنامج النووي بشكل نهائي، واختتم مجلس الأمن مداولاته بشأن الملف النووي الإيراني، وتمّ إلغاء أجندة “عدم الانتشار النووي”. إن أي محاولة من جانب أي دولة أو جهة لإحياء هذه اللوائح أو إعادة تفسيرها أو تطبيقها تُعدّ باطلة ولاغية، وتُمثّل إساءة استخدام واضحة لصلاحيات المجلس وإجراءاته.
رابعاً، لا تزال الجمهورية الإسلامية الإيرانية ملتزمة التزاماً كاملاً بالدبلوماسية القائمة على المبادئ والمفاوضات الجادة. لن تخضع إيران أبداً للإكراه أو الترهيب أو الضغوط السياسية. والآن، يقع على عاتق فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة تصحيح مسارها واتخاذ خطوات عملية وذات مصداقية لإعادة بناء الثقة. تبقى المبادئ الأساسية لخطة العمل الشاملة المشتركة سارية المفعول دون منازع: تقديم ضمانات قابلة للتحقق بأن البرنامج النووي الإيراني سلمي حصراً، مقابل الاعتراف الكامل بحقوق إيران بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، بما في ذلك حقها في تخصيب اليورانيوم، ورفع جميع العقوبات، وتطبيع اقتصاد إيران ودمجها في النظام التجاري الدولي.
تبقى هذه المبادئ قابلة للتطبيق بالكامل، ويمكن أن تُشكّل أساساً متيناً لاتفاق جديد. يبقى الهدف الأساسي دون تغيير: يجب أن يظل البرنامج النووي الإيراني سلمياً حصراً، وإيران مستعدة لتقديم هذه الضمانات. إذا كانت فرنسا وبريطانيا صادقتين في التزامهما المعلن بالدبلوماسية، فعليهما تشجيع الولايات المتحدة على أن تحذو حذوهما. أما إذا استمرتا في انتهاج سياسة واشنطن الفاشلة المتمثلة في “عدم التخصيب” وإنكار حقوق إيران غير القابلة للتصرف بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، فإن الدبلوماسية ستنهار فعلياً. إن الاستناد الانتقائي إلى ميثاق الأمم المتحدة والسعي وراء ما يُسمى بنهج “السلام من خلال القوة” لن يؤدي إلا إلى تقويض سيادة القانون واستبدالها بقانون الغاب.
وفي الختام تقدم ايرواني بالشكر للأعضاء غير الدائمين في المجلس، بمن فيهم الجزائر، وغيانا، وجمهورية كوريا، وسيراليون، وسلوفينيا، وهنأهم على إتمام فترة ولايتهم التي استمرت عامين بنجاح. كما اشاد بالجزائر وغيانا على وجه الخصوص لمواقفهما المبدئي والمستقل خلال فترة ولايتهما.
*رد إيران على المندوب الأمريكي: لن نرضخ للضغوط أو الترهيب
يذكر انه بعد انتهاء السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة من كلمته، صرّحت الدبلوماسية الاميركية مورغان أورتاغوس، قائلةً: “لن تتفاوض الولايات المتحدة إلا بشكل مباشر، وليس لإيران أي حق في تخصيب اليورانيوم على أراضيها“.
وردّ السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة على ذلك قائلاً: “فيما يتعلق بتصريحات المندوبة الأمريكية، نرحب بأي مفاوضات عادلة وهادفة. إلا أن الإصرار على ما يُسمى بسياسة “عدم التخصيب” يتعارض تمامًا مع الحقوق التي تتمتع بها إيران بصفتها عضوًا في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية“.
وأكد إيرواني قائلاً: “هذا النهج يُظهر أنهم لا يسعون إلى مفاوضات عادلة، بل يعتزمون فرض نواياهم المسبقة على إيران. لن تخضع إيران للضغوط أو الترهيب، ولن تسمح لنفسها بأن تُبتز في الساحة الدولية“.
تنويه من موقعنا
تم جلب هذا المحتوى بشكل آلي من المصدر:
yalebnan.org
بتاريخ: 2025-12-24 00:20:00.
الآراء والمعلومات الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي موقعنا والمسؤولية الكاملة تقع على عاتق المصدر الأصلي.
ملاحظة: قد يتم استخدام الترجمة الآلية في بعض الأحيان لتوفير هذا المحتوى.



